mercredi 20 février 2013

المبادئ والامتحان




أصعب  لحظاتنا، هي اللحظة التي توضع فيها قناعاتنا ومبادئنا  على المحك..
أحيانا، لا نكون إلا في المشاهدة او الاستماع إلى الآخرين.. يتحدثون عن أنفسهم أكثر مما يخاطبوننا.. يروون قصصهم: و فيها المرعب والممتع.. المخجل والمروع.. الجدي والهزلي.. المذموم والممدوح.. في عبارة:  فيها كل شيء ولا شيء
في مثل هذه اللحظات .. تتسارع الذات وهي في الاستماع إلى الأفكار (المعلومات) التي تتطاير وتتقاطر عليها من الآخر.. لتسقط كل شيء عن نفسها..لتصير بعدئذ - بسبب  هذا الآخر الذي قال عنه سارتر انه جحيم- تراجع نفسها وتضع قناعاتها ومبادئها من جديد أمامها لتبدأ في التمحيص والتدقيق..  وهي عملية تقود بدورها إما إلى تعديل أو تصحيح أو تجاوز أو تثبيت لتلك القناعات والمبادئ...
 فالآخر بهذا المعنى ، هو المختبر الذي تختبر فيه الذات قوانينها (مبادئها)،أو لنقل هو المرآة التي ترى فيها الذات نفسها ..فمن دون الغير  فلا وجود لشيء اسمه المبدأ ، حتى وإن كان هذا المبدأ أخلاقيا..
فلا وجود لشيء اسمه الاحترام.. التسامح.. التعايش .. الصبر.. المودة.. الحب .. في كلمة لا وجود لشيء اسمه الأخلاق،شيء اسمه الإنسانية .. عندما تكون هذه الأخلاق مجرد مبادئ وقناعات قابعة  في الوعي الأخلاقي للشخص  دون أن تمارس بشكل فعلي، بل دون أن توضع في المحك ليتم تجريبها فعلا هل هي قناعات أم مجرد ''أقنعة أخلاقية'' نوظفها عندما تكون الفرصة سانحة لنا، أي عندما تكون هذه المبادئ في صالحنا نحن ، فهل هذه مبادئ أم مجرد وسائل لتحقيق غايات خاصة؟
فأن تدعي أن لك مبادئ،معناه : أن تصطدم مع الغير في أفكاره وقناعاته التي تختلف وقناعاتك.. ومع ذلك تصرفها بشكل مقبول ومشروع.. أي أن تتحلحل وتتخلخل وتتزعزع في كيانك، وجودك..هويتك لأن الآخر مختلف عنك..ولكن  تصر على أن  تبدي ''هويتك الأخلاقية'' التي تحددها تلك القناعات وتلك المبادئ.. فأفكار الغير وقناعاته بهذا المعنى  ليست دائما ماءا يسقي ورودك،وليست رائحة تفوح عليك عطرا.. ليست نغمة عذبة تطرب وجودك ..
في الحقيقة،أريد القول إن أفكار الغير  ليست دائما حلوة حيث تزيد من انسجامك مع نفسك..وتقوي ثقتك بها .. بل قد تكون --وهذا ليس من باب إساءة الظن-  مرة حيث لا تجعلك إلا متوترا .. مضطربا.. قلقا لأنها - ببساطة-  تهيج مشاعرك.. وتكشف عمقك.. وتستنطق حقيقتك.. وتوقظ مبادئك من سباتها لتعرضها للامتحان والاختبار ... فما أصعب لحظة الامتحان..لحظة وضع كل شيء على المحك.. كيف لا وقد قالوا '' يوم الامتحان يعز المرء أو يهان''.. و أصعب  لحظاتنا، هي اللحظة التي توضع فيها قناعاتنا ومبادئنا  على المحك.
 

1 commentaire: