من
المعروف لدى من يمارس ''فنون'' البحر من سباحة وصيد وركوب الأمواج... هواة
كانوا أم محترفين، أنهم يراقبون وضع البحر وحالة الطقس قبل ولوجه، وذلك من اجل
اتقاء أي شر قد يهدد حياتهم ويفقدهم متعة
هوايتهم أو حرفتهم.. بل حتى بعد المراقبة والتأكد
من كون الأجواء صالحة للغوص في أعماق البحر، تجدهم غير مطمئنين كثيرا،لذا يعدون
عدتهم ويتسلحون بما يكفي من الحذر والحيطة ،إذ في أي لحظة قد يقع المتوقع أو
حتى الذي لم يكن في الحسبان لأن البحر ليس
مصدرا لقوت البعض وممارسة الهوايات فقط،بل هو رمز للغدر أيضا ..
أحيانا
نجد أنفسنا وسط البحر من دون مراقبة سابقة ولا حيطة ولا حذر .. بل وسط أمواج
تهددنا بلطماتها التي لا نستطيع التصدي لها.. ولهذا فليس كل من ولج البحر بحارا،
ولكن البحار من تعلم كيف يتصدى للطمات الأمواج.. إذ عندما يفقد البحار أساليب
التصدي لها، فهو لا يركب الأمواج.ولا يمارس السباحة
ولا يقتات من البحر ، إنما الموجة هي التي
تلعب و تلهو،فتغدو وتروح به إلى لا مكان..إلى كل مكان تشاء ،وتملأ به بطنها أحيانا
لما تبتلعه حتى يشعر ببداية موته ونهاية حياته.. فتلقي به في فجها العميق
خارجا..لتتلقفه موجة أخرى بأحضانها وتلهو به قليلا،تمهيدا واستعدادا وتحضيرا
لابتلاع جديد.. هكذا ظروفنا .. هكذا نحن .. في كل مكان نسير إلى لا مكان ..لا نعرف
أين نحن ولا إلى أين الاتجاه والمسير.. لا علامة..لا إشارة.. لا شيء إلا الظلام
ونحن نسير بخطانا المتثاقلة إلى ذلك الأمل الحاضر الغائب .. ولا
ندري: أ نحن من أوقع بأنفسنا في هذه الأوحال نتيجة سوء تدبير شروط حياتنا و تقلبات
الزمان؟ أم هم من جلبونا إليها وتركونا
حيث لا حول ولا قوة لنا؟أم هكذا شاءت
الأقدار أن ترانا؟
استمرت
هذه الظروف.. هذه الأجواء لأعوام طوال حتى
أعلنت الأزمة صمودها .. انكشف الفشل..وانقشع الحزن.. واستنجدنا ولا احد قد لب نداءنا .. فركبنا سفينة القدر
والقضاء..وقلنا ''هذا ما قدر الله وما شاء فعل" وتسلحنا بمجدافي الأمل والصبر
عسى أن نجد البحر رهوا ونسلك إلى بر الأمان وينتهي بذاك تيهنا..وإلا فحياتنا من ستنتهي
ونكون حظا وافرا للقروش الجائعة..
فجأة،
استقر البحر وهدأت الأمواج وظهر الشاطئ.. ومضينا نحوه.. رست سفينتنا به بأمان..
عاد الأمل..زهق الألم ...... برزت نجوم السماء وسطعت البسمة..رحل الحزن .. تبدد
الخوف.. عادت الحياة .. أُجل الموت.... سقطت عبرات الفرح ..استرحنا قليلا..وانجلى
القمر ثم قررنا الرحيل معا .. فمضينا إلي حيث لا ندري .
سعيد الطاهري
04/02/2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire