samedi 26 avril 2014

إذعان مشروط



إذعان مشروط

بالي منشغل بها منذ  عَلمت بوجودها وسمعت عن جمالها،  تكاد لا تبارح خيالي، أينما حللت وارتحلت حتى إني لم أرها، كدت أُجَنُّ بسببها، فقررت أن أصارحا بأمري علَّ علتي تزول.
رغم أنها فقيرة يمكن لأي عابر سبيل أن يظفر بها ، إلا أن سمو روحها جعلها توصد الباب في وجه كل من ليس من نفس طينتها ولا يرغب في لزومها إلى الأبد..
أنا الآن ببابها أطلب رفقتها الأبدية، لم ترفض، ولكنها قيدت قبول طلبي ببعض الشروط. قلت: '' وما أول هذه الشروط". فقالت: "عليك أن تنتظر حتى تصير ناضجا أكثر، وتتعلم كيف تُقَدّر ما تملك دون أن يغريك ما لدى غيرك، وكيف لا تغتر بنفسك فتحتقر من دونك''.  وقبل أن تترك لي فرصة اتخاذ القرار، أردفت قائلة: " أنا في انتظارك إلى أن يتحقق فيك هذا الشرط، وإلا فعزلتي خير من رفيق درب ليس مثلي"..
غادرت بيتها ولم تطأ قدمي بابها إلا بعد مدة تجشمت خلالها عناء تطويع نفسي على مقاس شرطها .. وجئتها ذليلا خانعا.
قهرتني بصمتها، فأبديت  لها عشقي في صيغة  سؤال : ماذا عن الشرط الثاني يا مولاتي ؟
بهدوءٍ أجابت : '' تفسخ عقد قرانك الأول، فإن امتثلت، فأمامك شرطان اثنان فقط، وإن أبيت ، فطبعي لن يستسيغ العيش مع أمثالها ''.
ترددتُ ببين القبول والرفض. لكن شدة تعلقي جعلني أجنح  إلى قبول شرطها.
عدت من المحكمة متأبطا قرار تسريح الزوج الأول، وناولته إياه، لم تنبس ببنت شفة .. فتكلمت أنا المتلهف الولهان، متسائلا: ''ماذا عن الشرط ما قبل الأخير؟ "، نهرتني آمرة: "عليك أن تقبل أن أعيش أنا ورفيقاتي بين أحضانك سويا إلى الأبد ".
أجبتها جواب الراغب في إظهار الطاعة : "وما عددهن؟ "
قالت: "هن ثلاث".
فقلت: '' وكيف لا أوافق إذا كان الشرع قد منحني الحق في أربع، فماذا عن الشرط الرابع؟"
تباطأت في الإجابة، وتسارع وجيب قلبي، وانتابتني الوساوس،فقالت أخيرا: " لا تبكِ،بل عليك أن ترضى  بفقدان  أبنائك الثلاثة بمجرد ما تنجب رفيقاتي بناتهن ''
لم أتحسر، لكنني ابتسمت قائلا : ''  هيا لنعقد القران يا ''حريتي''..''
أنجبت رفيقات زوجي بناتهن: فأنجبت '' البساطةُ'' "الراحةَ" ومات ابني ''الألم'' الذي كان مع زوجي الأول ''العجرفة''، وفي الوقت نفسه الذي وُلدت ''الطمأنينة'' من ''القناعة'' توفي ''الجشع'' أخ  ''الألم'' ولم يبزغ الفجر حتى رزقت بالمولودة الثالثة من ''المسؤولية''  ووُوري جثمان ''عدم الاكتراث'' شقيق الجشع الثرى بعد أن سطع  نور ''السعادة'' ليبعث الروح في الحياة..
ولم  تمضِ إلا ثوان حتى علم ''عمر العسل'' بالخبر ، وأتانا في زيارة خاطفة ليبارك لنا المناسبة، ويذكرنا بالمصير المجهول..

ذ. سعيد الطاهري 25/04/2014

1 commentaire:

  1. اجمل ما قرأت. كلما أعدت القراءة اكتشفت معنا آخر وتعمقت أكثر في الفهم ❤

    RépondreSupprimer