lundi 18 novembre 2013

ميلاد جيدد



كَيومَ وُلدت ...

نعم،لم تعد لدينا - مع هذه العوالم الالكترونية - فرصة نسيان اليوم الذي رأينا فيه النور وبزغنا فيه إلى الوجود،فالسيد ''الفيسبوك'' جزاه الله خيرا، يسهر على تذكيرنا وتذكير كل أصدقائنا الذين نحبك معهم هذه الخطوط العنكبوتية.. 
و عند منتصف الليل ستخبركم إدارة الفيسبوك بعيد ميلادي (19/11) بل حتى بعدد السنوات التي عمرت الأرض فيها  إلى الآن .. ولا شك أنكم ستبعثون إلي برسائلكم وبرقياتكم وتهانيكم.. غير أن هذه الأخيرة تحمل،إلى جانب ما تحمله من حب وإخلاص وصداقة وود،تحمل دهشة وحيرة وشكا وتساؤلات.. من قبيل  : هل يحتفل (صديقنا هذا) بعيد ميلاده؟ وكيف يحتفل؟؟
لن أترك عقولكم محتارة، سأخبركم أنني لم أحتفل قط بعيد ميلادي،ربما لأن  تاريخ ميلادي كان قابعا في عالم النسيان،لا أحد يذكرني به، وحتى لو ذكرني به فإن الوضع لم يكن يسمح للاحتفال به،بل حتى وإن كان سمح للاحتفال بنسبة معينة،فإن كيفية الاحتفال  مجهولة في ثقافتنا الضيقة، إذ لا أحد يحتفل في حينا وقريتنا الصغيرة ...
لكن، سأحتفل اليوم،لكي أخرج هذا الاحتفال من عالم الكمون إلى الوجود،لكي أثبت أن الاحتفال بهذه المناسبات من حقنا جميعا،فقراء وأغنياء،عقلاء ومجانين،صغارا وكبارا.. سأحتفل، لكن بطريقتي الخاصة ..
من عادة بعض الناس في أعياد ميلادهم تأثيث الغرف وتزيننها وزخرفتها بباقات الورود والبالونات من مختلف الأشكال والأحجام والألوان، وكذا إعداد أطباق من الحلوى من مختلف اللذات .. مكتوب عليها ''عيد ميلاد سعيد يا.." او هناك من بالغ في التعبير فاستعمل اللغات الأجنبية ''joyeux anniversaire../ happy birthday.. ''،وعلى إحدى هذه الأطباق تُصَفُّ شموع حسب عدد سنوات عمر المحتفى به  تطفأ تحت ظلمة حالكة،فيها يتمنى صاحب عيد الميلاد أقصى أمنياته، وبعد برهة من الظلمة  تُشغل الأضواء من جديد وقد ملأ دخان هذه الأخيرة المكان بروائحه الكريهة،وكأن أحلام المحتفى به قد تبخترت،رغم أن السواد الأعظم من الناس يعتقدون أن عودة  الأنوار بعد صعود دخان الشموع،هو بمثابة بعث جديد إلى الحياة وبداية لتحقيق الأمنيات.. إلا أن ما يجهله الكثير،هو أن أصل وضع الشموع على طبق الحلوى وإطفائها في أعياد الميلاد يعود إلى اليونانيين الذين اعتادوا على وضع الشموع على الكيك ذي الشكل المستدير على شكل القمر،والذي يقدمونه إلى ''إلهة القمر'' التي تدعى Artémis ،وكانوا يعتقدون أن الدخان المنبعث من الشموع سيحمل صلواتهم (دعائهم) إلى Artémis  .. (وهناك دلالات أخرى لهذا الطقس في ثقافات أخرى كالألمان ورجال دين العصور القديمة)..
لهذا السبب،لن أعد أطباقا من الحلوى،ولن أرتب وأؤثث المكان من حولي.. لن أطفأ الأنوار لأجعل الشموع تحترق وتبكي .. لن اجعل المكان صاخبا بأي نغمة كيفما كانت .. لن أشارك الناس هذا الاحتفال الخاص،لا تصفيق، لا زغاريد، لا أهازيج لا أغاني..  بل سأُعٍدّ نفسي لأبدأ الحسابات والمراجعات،سأنزوي في إحدى زوايا غرفتي وسط حالة من الفوضى حيث لا شيء في  مكانه الطبيعي .. بالفعل سأطفئ الأنوار،ليس لأطفئ الشموع بعدها وأبدأ صياغة أحلامي ،وأستقبل السنة الجديدة بعد اشتعالها من جديد،بل لكي أجعل المكان – فقط -  شبيها بالظلمة الحالكة لأعماق ذاتي وأبدا قراءة التقرير السنوي وأستعد  للرحيل بعده ..
سأطفئ الأنوار  لكي  أتمكن من احتضان نفسي  بشدة، دون أن تتسلل إلينا عين جاسوس لرؤية ما نفعل .. وسأصغي إليها بكل هدوء دون أن تتمكن أُذن مغتاب من سماع ما نروي .. سأتشمم الروائح المنبعثة من روحي المتعبة بالخطايا والذنوب بدل روائح دخان الشموع الصاعد إلى السماء ..  سأبكي حال قلبي الذي انشغل بالكره  والحسد والحقد على الناس .. سأتفقد الوضع الصحي لعقلي الذي تاه بي في الضلال والجهل والأخطاء الفادحة .. سأضع نفسي لأتأمل عجرفتها الفارغة وكبرياءها المهزوز .. سافعل كل ذلك لكي أعاتب نفسي .. وسأصمد وأنتصب بكل تدلل،لكي أتقبل نتيجة أفعالي .. وسأنفث،أخيرا، دخان الأنفاس المرهقة لأستريح .. فأشعل الانوار لأستقبل السنة الجديدة وأشرع بالعمل بالهوية الجديدة،أو على الأقل بالحلة الجديدة..
فعفوا لكل من بعث  لي تهنئة تذكرني بأخطائي ،لأني قد قررت أن أستريح منها،
v  وشكرا لكل من دعا الله من كل أعماق قلبه أن يغفر لي كل ذنوبي ..
v  شكرا لكل صاحب قلب كريم سامحني رغم أنني لم اعتذر له ..
v  شكرا لكل من أخلص في دعائه ،وسأل الله لي الثبات والسداد في ما تبقى من عمري..