jeudi 7 mars 2013

بوح حميمي



بوح حميمي
صادفته منذ سن مبكرة ،فأعجبت به، واتخذته خليلا،وظل ملازما لي في كل حلي وترحالي، ورغم انه لا يتحمل حرارة الصيف، فإنه يلبي دعوتي كلما يممت بابه .. ويمضي دون ازورار ولو في رمال الصحراء ..
قررت يوما أن  أبوح له بأسراري، لكني وجدته أصم ... فتذكرت البكماء التي لا تتكلم  و لا تطيق برودة الشتاء.. وتمقت الأمطار ..
أتحدث إليه ولا يسمعني.. وهي تسمع ولا تتكلم .. أنظر إلي ولا أراني ... فكان لابد أن نتكامل نحن الثلاثة..
في يوم مشمس اصطحبت  الأصم .. فألفينا البكماء في انتظارنا وقد تَقيَّنت لتعرض عليه جمالها الناعم ...  وبعد ثوان من اللقاء ،شرعا في الحديث، وقد أبدى كلاهما انبهاره بالآخر .. ووجد فيه ضالته ...تعجبت لأمرهما،فلم ألبث أن قلت لهما:'' أنا العقد بينكما''..  فظننته قد ردَّ قائلا: ''وروحي مهر لك،أيكفيك؟! لكن البكماء لم تقل شيئا! وقلت ''السكوت علامة الرضا''.. فصحنا صيحتنا الأولى! وبدأت الحكاية..
فتحت لي قلبها الأبيض، تحدثت روحي المتعبة إلى  روحه ، فسمعني  بأذنها .. في الوقت الذي تَكَلَّمتْ إليَّ بلسانه .. فخفَّ  ألمي وزالت علتي ... لكن قلب البكماء اشتد  تألما .. وروح الأصم زادت اعتلالا... ولما لفظ أنفاسه الأخيرة .. دُفنتْ روحه وآلامي في  قلبها الأبيض ..
25/02/2013 ذ. سعيد الطاهري

samedi 2 mars 2013

حدود الصداقة بين الأنثى والذكر





تعتبر الصداقة علاقة  من العلاقات التي يمكن أن تجمع بين ذاتين أو شخصين فما أكثر.  وهي علاقة لا ترتبط بالنوع،أي ليس بالضرورة أن تكون بين الذكور  لوحدهم،أو بين الإناث لوحدهن،بل قد تجمع بين نوعين مختلفين.وللصداقة  مبادئ مستمدة من نفسها،منها الصدق والوفاء والإخلاص وحسن المعاملة والعرفان بالجميل..بالإضافة إلى التضحية... وتختلف الصداقة باختلاف المبدأ الذي تأسست عليه :هل هو المتعة،أم المنفعة أم الفضيلة؟


لكن ،إن كانت الصداقة  تشترط هذه الخصال الحميدة في الذوات التي تجمع  بينهما،فان لها مسار تتحرك فيه،أي أنها علاقة ذات طابع زمني،مما يجعلها معرضة للتقلبات والتحولات. وقد تكون  هذه التحولات تعميقا  لها(للصداقة)، وقد تكون انبثاقا لعلاقات أخرى،كأن تتحول،مثلا، إلى  حب أو كراهية أو حتى عداوة وصراع  .. والمتحكم الأساسي في انبثاق هذه العلاقات الجديدة، هو طبيعة الأحداث والمواقف  التي تعاش في  قلب  الصداقة،أو تغلف بلباسها،وتترك أثرا تعطى له دلالات أخرى،وبالتالي مسميات أخرى. وهذا ما يجعلنا نطرح سؤال حدود علاقة الصداقة بين الطرفين:هل هي حدود ثابتة أم متحولة؟ وإذا كانت علاقة الصداقة بين الذكور لوحدهم  أو بين الإناث لوحدهن  تميل إلى الثبات من حيث نوع العلاقة،فهل يمكن أن نتحدث عن نفس الشيء لما يتعلق الأمر بصداقة الذكر بالأنثى،أم أن هذه العلاقة وحدودها معرضة أكثر للتقلبات والتوترات وقابلة  لأنْ تتحول إلى علاقات أخرى؟
إذا كانت علاقة الصداقة بين الذكور ذات نكهة خاصة ،كما أنها بين الإناث بطعم آخر،فانه لما يتعلق الأمر بالذكر والأنثى تكون مختلفة أكثر. إذ فيها تكون نسبة التقلبات كبيرة جدا،وبالتالي نسبة الاختلافات والتصادمات، نظرا لاختلاف الطبائع والتصورات،وطريقة التفكير،بين الذكر والأنثى، اختلاف  حدة العواطف... مما يستدعي الوعي بهذه الاختلافات واستحضارها في المواقف والوضعيات المختلفة بالنسبة للصديقين(أحيل هنا إلى كتاب د.غراي " الرجال من المريخ والنساء من الزهرة/ الدليل الرائع لفهم الجنس الأخر).  ومن دون الوعي بهذه الاختلافات ،فإن  العلاقة  تشهد توترات  وانقلابات في مسارها،وهذا يدعو في حد ذاته إلى وضع  النقط على الحروف بين الفينة والأخرى،حتى يعرف كل طرف موقعه بالنسبة للآخر وحدود التصرف والتدخل..

وبصريح العبارة،إن صداقة الذكر بالأنثى،أكثر توترا منها من صداقة الذكر بالذكر أو الأنثى بالأنثى (رغم أن هذا النوع الأخير أيضا فيه الكثير من النزاعات لأسباب ترتبط بعواطف المرأة وميلها إلى السرية والغموض في علاقتها بصديقتها .. وسنفصل بإذن الله في هذا الموضوع لاحقا..) فإذا كانت الأنثى تفضل  التعامل بالليونة وتغليب العواطف (القلب) على العقل والمنطق،فإن الذكر – عكسها -  يميل أكثر إلى المنطق حيث يغلب العقل على القلب .. لهذا نجده  يحتاط كثيرا في  مفاهيمه وكلماته وعباراته وتصرفاته... لأنه يستحضر  أي  شيء يتلفظ أو يقوم به  في أفقه الزمني باعتباره منطق العقل،بينما الأنثى لا تكترث لمفاهيمها وكلماتها وتصرفاتها،لأنها غالبا ما تعبر وتقوم  بأشياء تفرضها عواطف لحظية عابرة،تطمح في أنْ تُقابَل بمثلها في نفس اللحظة لا غير. لكن "تحجر" قلب الذكر،وغلبة العقل في تفكيره يجعله غير مكترث ولا مبال بتلك العواطف المقدسة بالنسبة للأنثى، وهنا يبدأ الخلاف،بحكم غياب الانسجام في تبادل العواطف اللحظية بالنسبة لها والدائمة بالنسبة له،أو على الأقل،العواطف التي شرعت في  الديمومة.
لكن المشكلة لا تتعلق بسوء تدبير الاختلافات بينهما،وإنما في اتساع مجال التأويل الذي يقود إلى الحكم بشكل خاطئ.  ويبدأ هذا التأويل لما تتغير طريقة التعامل والتصرف  أو يقع حدث جديد لم يكن من المعتاد بالنسبة للآخر فيعتقد أن هناك  اهتماما  يتعدى حدود الصداقة في نظره (لأن الطرف الأخر قد يرى انه  قام بواجب الصداقة لا غير)، فتراه يردد بينه وبين نفسه:"واش دار(ت) هادشي كلو زعما غي هكاك... واش دار(ت) هادشي على قبلي.. شي حاجة فراسـ(ها)ــو..." ... هذه التأويلات الأولى (وغيرها) ذات الطابع الشخصي أكثر منها موضوعي، هي المرحلة الأولى في تغير منحى ومسار العلاقة ، اذ بعدها مباشرة يمكن ان  نسمع :" امكن بدا  كـيــ... خصني نتقرب منوا أكثر..."، وهكذا تنحو الصداقة منحى جديدا،قد يكون  منحى الغيرة و الحب.. خصوصا لما تتلقى الاستجابة من الطرف الآخر .. وقد يكون شيئا آخر...   وهكذا تُشرع أبواب لقاءات الغرام ..  
 وفي المقابل، عندما تعرف علاقة الصداقة بين الجنسين مواقف تَظهر خطئا لأحد الطرفين أنها لا تحترم ولا تلتزم بواجب الصداقة ومبادئها ،(إما لظرف خاص،أو لحالة نفسية معينة ترتبط بالآخر ،لكنه يجهلها..). ونتيجة لهذا  الجهل وهذا التأويل الخاطئ  يشرع في بداية تعميق الهوة لا الصداقة،نتيجة سوء تفاهم،"مكاين علاش تعول... مادار مايصلاح ف  هذه.."، فيقرر "المظلوم"  الانسحاب من المعادلة غير المتعادلة في نظره : "بحال هذا ما عندي مندير به... خصني نبعد عليه" . وهكذا  يبدأ التوتر،بسبب بداية  "الالف حساب" بدل التلقائية في التصرف .. وهكذا تدخل  العلاقة  مرحلتها الأولى في النهاية.  
وخلاصة القول،إن حدود الصداقة بين الذكر والأنثى ملتبسة أكثر  من حدودها   بين الذكور أو  الإناث فقط. وأكثر عرضة للتوتر والانقلاب والتحول،وأكثر عرضة للتشويه،والنهايات المأسوية.كما  أنها العلاقة الوحيدة التي يمكن أن تنتهي نهاية سعيدة،تلك النهاية التي تملأها المودة  والرحمة والسكينة.
سعيد الطاهري   2012/07/13